نبذة عن الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله
علي ناشب شراحيلي
01-24-1431 09:46 صباحًا
0
0
2.2K
نسبه ومولده
هو الشيخ العلامة والحبر الفهامة حافظ عصره وفريد دهره حافظ بن أحمد بن علي بن أحمد الحكمي نسبه إلى الحكم بن سعد العشيرة ولد لأربعٍ وعشرين ليلة مضت من رمضان لعام 1342هـ بقرية السلام بمنطقة جازان التابعة لمركز الحكامية
نشأته
نشأ في قرية السلام مسقط رأسه إحدى قرى الحكميين التابعة لمركز المضايا , ثم انتقلت أسرته وهو معهم إلى قرية الجاضع التابعة لمحافظة صامطة بمنطقة جازان وقرأ القرآن في الكتاتيب وكان يشتغل برعي غنيمات لوالديه حاملاً لمصحفه وبعض المتون .
طلبه للعلم
أفاد شيخنا الشيخ أحمد النجمي حفظه الله تعالى في ترجمة الشيخ حافظ الحكمي أنه قرأ القرآن في الكتاتيب , كما أفاد شيخنا الشيخ زيد المدخلي في ترجمته أنه كان إلى جانب رعيه للغنم يحمل مصحفه وبعض المتون , ولما وفد الشيخ الجليل والداعية النبيل عبد الله بن محمد القرعاوي ـ رحمه الله تعالى رحمة الأبرار وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنان إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير ـ دُّل عليه فذهب الشيخ عبد الله إليه في قريته فقابله في عام 1359هـ ورأى فيه من الذكاء الخارق والقريحة المتوقدة ما جعله يحرص عليه فكلم أباه في تفريغه لطلب العلم وبين له ما سيترتب على ذلك من خير كثير ولم يزل يسعى في ذلك حتى اقتنع والده وفرغه لطلب العلم من أول عام 1360هـ , فانتظم الشيخ حافظ الحكمي بالمدرسة السلفية التي يديرها الشيخ عبد الله القرعاوي ـ رحمه الله تعالى ـ بمدينة صامطة وتفرغ لطلب العلم وبرع حتى صار أعجوبة زمانه وتفوق على أقرانه حيث أقبل على طلب التحصيل بنهم شديد ومثابرة بلا كللٍ ولا مللٍ مع ما أوتي من رجاحة عقل وتقوى مع إخلاص النية في الطلب مقرونة بصالح العمل وعناية ربانية رحيمة , وقوة الذاكرة وسرعة الفهم والاستيعاب التام للمضامين , وتوجيهات صائبة تلقاها من شيخه الفذ المجرب الماهر بطرق تحصيل العلم وكيفية قطف ثماره اليانعة ألا وهو شيخه الشيخ عبد الله القرعاوي ـ رحمه الله تعالى رحمة واسعة ـ وإن كانت مدة تتلمذه على يديه وجيزة المقدار بيد أنها مليئة بالخير والبركة والإحسان فبرز على الأقران وصار أعجوبة الزمان فألف وهو لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره وعني بالنظم لأنه كان قد أتي سليقة فيه وكان سهلاً عليه حيث كان يقرض الشعر من قبل أن يدخل المدرسة السلفيه وقبل أن يلتقي بشيخه عبد الله القرعاوي مع جودة في الخط بالقلم وذكاء خارق.
فدرس ودرَّس ودعا وأفتى وألف وأرشد وأدار الحلقات وفتش على المدارس ما بين التحاقه بالمدرسة السلفية عام 1360هـ وإلى وفاته في عام 1377هـ أي في سبعة عشرة سنة ببركة الله وتوفيقه نسأل الله لنا وله الغفران والجنة والرضوان.
مؤلفاته
لم يترك فناً من فنون العلم الشرعي وآلاته إلا وكتب فيه مؤلفاً إما نظماً وإما نثراً , وإما منظوماً منثوراً معاً كسلم الوصول إلى علم الأصول وشرحها معارج القبول , ومن هذه المؤلفات المطبوع ومنها المخطوط ومن ذلك التالي:
1- سلم الوصول إلى علم الأصول في توحيد الله , واتباع الرسول انتهى من تأليفه عام 1362هـ .
2- معارج القبول شرح سلم الوصول إلى علم الأصول في مجلدين .
3-أعلام السنة المنشورة باعتقاد الطائفة الناجية المنصورة , سؤال وجواب في التوحيد فرغ من تسويده نهار الاثنين أول يوم من شعبان 1365هـ وفرغ من تبيضه نهار الأحد الرابع عشر من الشهر المذكور وقد حظي بالدراسة والتحقيق من قبل شيخ فاضل هو أحمد بن علي علوش مدخلي كرسالة قدمها لنيل درجة الماجستير .
4- الجوهرة الفريدة في تحقيق العقيدة نظماً , وهي أيضاً في تحقيق وإيضاح عقيدة أهل السنة والجماعة سلفاً وخلفاً .
5- دليل أرباب الفلاح لتحقيق فن الإصطلاح وهو خير ماكتب في هذا الفن انتهى من تأليفه في 5/2/1365هـ .
6- اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون وهو نظم فريد في فن المصطلح لما اشتمل عليه من قواعد وضوابط تتعلق بالسند والمتن ومراتب التعديل والجرح وصيغ الأداء وغير ذلك من مباحث هذا الفن انتهى من تأليفه عام 1366هـ .
7- متن لامية المنسوخ وهي منظومة أورد فيها أمثلة كثيرة من النصوص الناسخة والمنسوخة من الكتاب والسنة بحيث يذكر المنسوخ ويشير إلى ناسخه بدقة في التعبير ووضوح في التمثيل .
8- السبل السوية لفقه السنن المروية نظماً وهي المنظومة المباركة تعتبر بحق قاموساً عظيماً من قواميس السنة العظيمة حيث تعرض فيها الشيخ لبحث العبادة والمعاملات والأخلاق والآداب والسلوك والرقائق ترغيباً وترهيباً , وقد قام بشرحه شيخنا النبيل الفذ القدير بأوفى شرحٍ وأتمه وأسلسه وأكمله الشيخ / زيد بن محمد بن هادي المدخلي في سبعة مجلدات .
9- وسيلة الحصول إلى مهمات الأصول , في أصول الفقه انتهى من تأليفه 1373هـ .
10- نيل السول من تاريخ الأمم وسيرة الرسول نظماً .
11- المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية .
12- نصيحة الإخوان عن تعاطي القات والشمة والدخان . عام 1367هـ وقد طبعت هذه المؤلفات طبعتها الأولى في مطابع البلاد السعودية بمكة المكرمة عام 1373هـ و1374هـ على نفقة الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود ـ رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح الجنات الوارفة ـ وقد وزعت مجاناً .
13- قصيدة وعظية في الترغيب والترهيب والحث على تقديم الآجلة على العاجلة والاستعداد الحق للقاء الله الحق وذلك بمجاهدة النفس الأمارة بالسوء والهوى والشيطان . .
14- النور الفائض من شمس الوحي في علم الفرائض انتهى من تأليفة في 15/8/1365هـ والذي أنا بصدد شرحه أسأل الله تعالى إخلاص النية , والعون على استكمال شرح هذا السفر العظيم في بابه على الطريق السنية فإنه خير مأمول وأعظم مسؤول - .
15- أمالي في السيرة.
16- مفتاح دار السلام بتحقيق شهادتي الإسلام نثراً.
17- ضوابط مسائل أصول الفقه.
18- تلخيص مفيد لمسائل في فن الاصطلاح.
19- مختصر دليل أرباب الفلاح.
20- جدول في الفرائض يتعلق بالورثة من الرجال والنساء وأحوال إرثهم.
21- رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
22- شرح الورقات في أصول الفقه نثراً.
23- قاعدة لمعرفة أنواع الربا.
24- شرح البيقونية من الدروس التي تملى على الصغار من طلاب العلم.
25- أمثلة تحفة الأطفال في التجويد أيضاً.
26- تكميل متن الشبراوية منظومة في النحو.
27- ديوان خطب.
28- همزية الإصلاح في تشجيع الإسلام وأهله نظماً تزيد أبياتها على المائتين.
29- مقررات في أدب السلوك.
30- منظومة عن العزوف عن الدنيا وقد حظيت بالشرح الوافي والتعليق الكافي من الحبر العلامة شيخنا الفهامة الشيخ / زيد بن محمد بن هادي المدخلي أحد تلاميذه الأوفياء الأبرار والمؤلفين الأخيار.
31- شرح بعض العوامل في النحو.
32- الأحاديث الثلاثية من البخاري.
هذا ما وقفت عليه من مؤلفاته.
إسهام الشيخ رحمه الله تعالى في الدعوة إلى الله
لقد سبق الحديث عن مؤلفات الشيخ رحمه الله تعالى سواءً ما كان مطبوعاً وما كان مخطوطاً وما كان منظوماً وما كان منثوراً ومن خلال ذلك العرض السريع المختصر تجلت عناية الشيخ البالغة بجميع العلوم النافعة والتوسع فيها والحرص التام على نشرها وبالأخص التوسع في فن العقيدة الإسلامية نظماً ونثراً سالكاً في ذلك مسلك السلف الصالح أهل السنة والجماعة الذين ترسموا خطى النبي الكريم ودروب أصحابه الغر الميامين ومن نهج نهجهم القويم من أهل القرون المفضلة الذين خصوا بشهادة خاتم النبيين وأشرف المرسلين نبينا محمد مع بذل الجهد في التأييد للحق ونصره ونصر ذويه والرد للباطل بإرسال صواعق الأدلة التي تزلزل قلوب المبطلين وتمحق كيد الخائنين فكم من طائفة زائغة قد قذفها بشهاب قلمه السيال وكم من متعصب مخذول قد أزهق باطله بصحيح المقال وكم من تائه حيران قد أنار له السبيل فاهتدى إلى صالح الأعمال وكم من معرض عن تجارة المؤمنين وخلق الصالحين فأيقظه بفنون الترغيب والترهيب فاستعد للقاء الكبير المتعال .
ومن يرد شهادة على ما أمليت وبراهين ساطعة تثبت ما ادعيت فليقرأ مؤلفات الشيخ الجليل من منظوم ومنثور وبالأخص معارج القبول وأعلام السنة المنشورة والسبل السوية والجوهرة الفريدة وغيرها من تلك المؤلفات الفريدة الزاخرة بالعلوم والمعارف التي لم تتوفر لعلماء عصره ولا لمن أتى من بعده كما توفرت لديه إلى يومنا هذا [ إلا ما شاء الله تعالى] وللشيخ رحمه الله تعالى إسهام كبير في الدعوة إلى الله [عز وجل] وفي بذل النصح لعباد الله [تبارك وتعالى] وما ذلك إلا لأنه كان يؤمن بأن الدعوة إلى الله وبذل النصح لعباد الله من فرائض هذا الدين العظيم وعلى مثله يتعين القيام بذلك فألزم نفسه بالقيام بالدعوة إلى الله على بصيرة وسلك في سبيل ذلك أساليب شتى وطرقاً متعددة بحسب حال المدعوين وحاجتهم ومستوياتهم مترسماً في ذلك منهج الرسل والأنبياء في دعوتهم فكان يؤدي هذه الفريضة تارة بالخطب في الجمع والأعياد والمناسبات المشروعة الأخرى وتارة بإلقاء المحاضرات العامة ومرة بتعليم العوام وتلقينهم أمر دينهم وأما التدريس الذي هو أعظم طريق لتربية الأجيال فهو سبيله من بداية تتلمذه على شيخه عبد الله بن محمد القرعاوي [رحمه الله تعالى] إلى أن توفاه الله [عز وجل] وهكذا القيام بالفتوى بالمنطقة وإقامة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب القدرة الشرعية والحقيقة التي يجب أن تذكر أن تأليف الشيخ حافظ دعوة إلى الله وإدارته دعوة وتدريسه دعوة ومحاضراته دعوة وزياراته لأعيان وطلاب العلم دعوة وسلوكه الإسلامي دعوة خالصة لله فالرجل داعية إلى الله في إدارته وفي حلقة تدريسه وفي محراب صلاته وفي جلساته التعليمية وجلساته العادية وفي حال إقامته وفي حال سفره القريب أو البعيد وهكذا ظل الشيخ على تلك الحياة الطيبة المباركة حياة التحصيل للعلم ونشره ودعوة الخلق إليه وترغيبهم فيه وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر والجد في إحياء السنة وقمع البدعة والرد الوافي الكافي على أصحاب البدع وأهل الانحراف حتى توفاه الله القائل في محكم تنزيله كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (1).
وكان ذلك في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة 1377هـ على إثر مرض ألم به وهو في حسن الشباب وتمام القوة - وأن القوة لله جميعاً - وكان عمره حين الوفاة خمسة وثلاثين عاماً وثلاثة أشهر وصُلي عليه في المسجد الحرام ودفن في خير البقاع إلى الله البلد الحرام مكة المكرمة وقيل [في مقبرة العدل](1) فرحمه الله رحمة الأبرار الأتقياء وغفر له مغفرة المجاهدين الشهداء ورفع درجته بحشره يوم القيامة في زمرة الرسل الكرام والأنبياء ونحن يا ربنا نمد يد الضراعة إليك ونطمع في الفضل والإحسان الذي في يديك نسألك أن تجعلنا من حزبك المفلحين وأوليائك المتقين.(2)
وقد ترجم لـه صاحب الفضيلة العلامة الحبر الفهامة أحد أقرانه البارزين وتلاميذه البارين شيخنا الفاضل أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله تعالى في كتابه العظيم الذي فند فيه أباطيل الرافضة المسمى بـ(( أوضح الإشارة في الرد على من أجاز الممنوع من الزيارة ))(3).
كما ترجم له فضيلة شيخنا الفاضل البحر الزاخر الذي لا يدرك قعره الشيخ زيد بن محمد المدخلي حفظه الله تعالى في كتبه ومنها الأفنان الندية (1), وغيرها , كما أفرده في كتاب أسماه ((الشيخ حافظ الحكمي حياته وجهوده العلمية والعملية)).
كما ترجم له الشيخ الفاضل الوقور عمر بن أحمد جردي المدخلي رحمه الله تعالى؛ أحد أقرانه وتلامذته النابهين في كتابه الموسوم بـ [النهضة الإصلاحية في جنوب المملكة العربية السعودية لصاحبها فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد القرعاوي يرحمه الله](2).
كما ألف فيه سفراً كبيراً الشيخ الفاضل الدكتور أحمد علوش حفظه الله تعالى؛ رسالته إلى نيل شهادة الدكتوراه.
كما ترجم له الشيخ علي بن قاسم الفيفي في السمط الحاوي لأسلوب الداعية الشيخ عبد الله القرعاوي في نشر التعليم في جنوب المملكة العربية السعودية(1) .
وقد ترجم له آخرون ـ لم أقف عليها ـ ومنهم ابنه الشيخ الدكتور أحمد بن حافظ الحكمي في مقدمة معارج القبول الطبعة الثالثة , وغيره كثير
فمن أراد الاستزادة والإحاطة بأحوال وصفات الشيخ حافظ الحكمي فعليه بمراجعة ماذكرت فسيجد فيها بغيته إنشاء الله تعالى ؛ وإلا فالشيخ أشهر من أن يذكر.